الدرعية تجمع أمريكا وروسيا- دور محوري للسعودية في الحوار العالمي

المؤلف: سلطان السعد القحطاني10.09.2025
الدرعية تجمع أمريكا وروسيا- دور محوري للسعودية في الحوار العالمي

بعد سنوات من الجفاء والتقطع في العلاقات، حيث انقطعت كل سبل التواصل، كانت صورة المصافحة التاريخية بين وزيري خارجية الولايات المتحدة وروسيا في "قصر الدرعية" هي الحدث الأبرز، إذ مثّلت هذه اللحظة تحولاً حاسماً، وأعادت إحياء لغة الحوار بين القوتين العالميتين في ظل عالم يعج بالاضطرابات والتحديات.

لا شك أن هذا اللقاء يشكل إنجازاً دبلوماسياً بالغ الأهمية، نجحت من خلاله المملكة العربية السعودية في إبراز دورها المحوري على الساحة الدولية كقوة مؤثرة سياسياً ودبلوماسياً، سواء على الصعيد العالمي أو الإقليمي. ويعزى هذا النجاح إلى سياسة الحياد الإيجابي التي تتبناها الرياض، مما جعلها وسيطاً موثوقاً به في معالجة القضايا العالمية. وبهذه الاستراتيجية الحكيمة، عززت السعودية مكانتها كقوة إقليمية فاعلة، تساهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار والسلام الدوليين.

إن أخطر ما يهدد عالمنا المعاصر هو غياب الحوار بين القوى الكبرى، التي تمتلك ترسانات هائلة من الأسلحة المتطورة والمدمرة. ففي غياب التفاهم والحوار، قد تؤدي حركة غير محسوبة على رقعة الشطرنج الدولية إلى كارثة عالمية. لقد جعلت الأسلحة النووية الحرب الشاملة تجسيداً واقعياً لنهاية العالم ودماره الشامل. لذلك، تعتبر الجهود الدبلوماسية والتفاهمات المتبادلة هي الملاذ الآمن لتحقيق الاستقرار العالمي المنشود.

ولكن كيف استطاعت المملكة العربية السعودية تحقيق هذا الإنجاز الذي عجزت عنه دول أخرى؟

لقد تمكنت الرياض من ذلك بفضل دورها المؤثر في العالم، وحفاظها على علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف، سواء في الشرق أو الغرب. هذه السياسة المتوازنة أكسبت المملكة ثقة عالمية، وأهلتها للقيام بدور الوسيط بنزاهة وموضوعية. ولا شك أن اختيار المملكة العربية السعودية لاستضافة المباحثات بين واشنطن وموسكو يحمل دلالات استراتيجية عميقة، تعكس دورها المتنامي على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتأثيرها في المشهد العالمي وإسهامها في حل النزاعات الدولية.

تبنت السعودية سياسة الحياد الإيجابي في تعاملها مع الأزمة الروسية الأوكرانية، ولعبت دوراً دبلوماسياً بناءً في تهيئة الظروف المناسبة لإنجاح اللقاءات بين الأطراف المعنية، بما في ذلك التحضير لقمة محتملة بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين.

إن الأمل معقود على القمة المرتقبة بين ترمب وبوتين لوقف الحرب الروسية الأوكرانية، وتحقيق تفاهمات قد تسهم في تهدئة الصراع، خاصة في ظل التباين في المواقف بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة. هناك فرصة سانحة لوضع إطار عمل لوقف إطلاق النار، أو التوصل إلى اتفاق مؤقت يقلل من حدة التوتر، والبحث عن حلول تضمن مصالح كل من روسيا وأوكرانيا، مع تحقيق توازن جيوسياسي مستدام. وقد تعرض واشنطن تخفيف بعض العقوبات المفروضة على روسيا مقابل خطوات ملموسة نحو السلام.

ومع ذلك، فإن نجاح هذه القمة يتوقف على مدى استعداد موسكو وواشنطن لتقديم تنازلات واقعية في ظل التعقيدات التي تكتنف الموقف الأوروبي. ومما لا شك فيه أن مراعاة المصالح الروسية في محيطها الجغرافي أمر ضروري للغاية، خاصة أن توسع حلف الناتو في السنوات الأخيرة قد أثار الشكوك حول مصداقية الغرب في الدعوة إلى السلام.

إن العالم بأسره يتطلع إلى الدور المحوري الذي يضطلع به ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بوصفه قائداً شاباً يسعى جاهداً لتعزيز الاستقرار العالمي، ويتمتع بعلاقات وطيدة مع قادة العالم. فالهدف الأسمى هو إحلال السلام في هذا العالم المضطرب والقلق، وتحقيق الأمن والازدهار للجميع.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة